يسعدنا ان تشاركونا هذه اللّحظة الاستثنائيّة والمسعى الثّقافيّ الذي أردناه تقليدا جديدا ومتواصلا كلّ سنة، احتفاء بالثّقافة ومخرجاتها، ودفعا لها لتكون في واجهة الاهتمامات. إنّ الدّراما التي يعيشها العالم وهو يواجه عدوّا خفيّا حتّمت علينا التأقلم والمقاومة وحتّمت علينا وبخاصّة مواصلة الفعل الثّقافيّ رغم الأضرار الاقتصاديّة والاجتماعية والنفسيّة العميقة. لقد شاءت الأقدار أيضا أن يتزامن هذا التّأسيس للدّخول الثّقافي مع الخطوات التي قطعتها بلادنا بفضل الحسّ المدني والشّعبي والإرادة السياسية الحصيفة في إبعاد تهديدات كوفيد 19 التي لم يبتل بها وطننا الحبيب وحسب، وإنّما العالم كلّه بشكل لافت وغير مسبوق. فمنذ اللّحظات الأولى لهذا البلاء لم تنطو الثقافة على نفسها، ولم تستسلم أمام هذه المحنةِ القاسيةِ، وإنّما اختارت المقاومة، وذلك برسملة الفعل الثقافي عبر العوالم الافتراضية، وراهنت على البديل الفعال للسلبية والوقوف مكتوفي الأيدي والسّقوط في أسر الانتظار، كما أنّها لم تهجر الميدان، وإنّما أرهفت السّمع لكلّ المتضرّرين من الاثار المدمّرة للوباء ورافقتهم بكل ما أوتيت من جهد وامكانات، وذلك حتى نحافظ على الأمل مشروع خافق وحي. أيّها الحضور الكريم، إنّنا اليوم نسعى للتغلّب على ما بقي من الصّعوبات التي خلفها كوفيد 19، نسعى وكلّنا يقظة لإعادة البسمة والحيوية لكلّ الجزائريات والجزائريين بواسطة الثّقافة والفن اللذين يظلا نبض الحياة، ورمز القوّة والاصرار على مواصلة المسير نحو جزائر متجذّرة في تنوعها ومتمساكة في بوتقة وحدتها، وتواقة إلى استكمال ثورتها، ليس فقط على الصعيد السياسي والاجتماعي، وإنّما كذلك على الصّعيد الرّوحي الذي تمنحه إيانا الثقافة بكل عطاءاتها ووعودها. أيّها الحضور الكريم، لقد فكّرنا ان نرسّخ لتقليدٍ الدّخول الثّقافيّ وكان علينا أن نبدأ في الدّخول الثّقافي، كيف نبدأ وقد الغيت المهرجانات وأغلقت قاعات العروض والسينما، وعُلّق تاريخ الصّالون الدّولي للكتاب، لم نتردّد كثيرا وقرّرنا ان نبدأ لأنّ كلّ بداية هي صناعة جميلة وخلّاقة للفعل، ونحن نؤمن كلّ الايمان أنّ الانسان خلق ليبدأ. وما الاعلان اليوم عن الدخول الثقافي الا بداية من هذه البدايات التي سنها خالق الكون منذ بدء البدايات، وكم نحن محظوظون أن تتزامن هذه البداية مع مئوية ميلاد الروائي الجزائري العظيم محمد ديب، أب إلى جانب الآباء التاريخيين للرّواية الجزائرية

ونحن نعطي إشارة البدء للدّخول الثقافي لا يفوتنا الترحّم على من غادرنا إلى دار البقاء من مثقفين وفنانين ومفكّرين، وكم نحن حَزانى أن نفقد خلال الأيام الأخيرة بعضا من جهابذة الفن مثل المرحوم بناني، الذي ترك اثارا لا يمكن ان تنسى في فن المالوف والمؤرخ عبد المجيد مرداسي الذي أثرى المكتبة الثقافية والتاريخية بأعمال جلية، رحمهما الله. عاشت بلادنا قوية وشجاعة عاشت الثقافة في بلادنا

modal