في إطار العلاقة العضوية بين البرلمان بغرفتيه و الحكومة، وفي جلسة الرد عن الأسئلة الشفوية بمجلس الأمة صبيحة يوم الخميس 09 فيفري 2023، قدمت السيدة وزيرة الثقافة والفنون الدكتورة صورية مولوجي أجوبة شفهية عن ثلاثة أسئلة تقدم بها السادة أعضاء مجلس الأمة :السيد زوبيري سمير، السيد عمر خماياس، والسيد مبروك دريدي. السيدة وزيرة الثقافة والفنون الدكتورة صورية مولوجي في جوابها عن سؤال السيد زوبيري سمير، المتعلق بالحفاظ على التراث الثقافي بولاية البويرة، ومدينة سور الغزلان بالخصوص، أكدت أن مسألة الحفاظ على التراث الثقافي الجزائري من الأولويات والاهتمامات الكبرى ، لاسيما فيما يتعلق بالتعريف به وتعزيزه وحمايته من النهب والسرقة والحفاظ عليه من الاندثار والزوال، ومن أجل ذلك نعمل حاليا على مراجعة القانون 98-04 المؤرخ في 15 جوان 1998، والنصوص التنظيمية المرتبطة به، لتتماشى مع الرهانات الحالية، ومع السياسة والرؤية الجديدة التي تعرفها بلادنا. وأضافت السيدة الوزيرة " ولاية البويرة مدينة عريقة بتعدد الحضارات التي تعاقبت عليها، وخلفت رصيدا تاريخيا هاما بدءا من الفترة القديمة إلى الفترة المعاصرة. وقد استفادت من عدة مشاريع استثمارية هامة في مختلف المجالات الثقافية كالمطالعة العمومية والنشاط والتراث الثقافيين، حيث تم انجاز عدد معتبر من المرافق الثقافية من بينها دار الثقافة، ومكتبة رئيسية للمطالعة العمومية، و13مكتبة للمطالعة العمومية في مختلف البلديات، ومدرسة الفنون الجميلة، وتجديد وتجهيز قاعة للسينما، وإعادة تهيئة المسرح الجهوي، ومسرحين للهواء الطلق، بالإضافة إلى تسجيل عدة عمليات تخص حماية التراث الثقافي، نذكر منها دراسة وترميم أسوار وأبواب سور الغزلان وبرج حمزة ومسجد أث إبراهيم". وبخصوص "الثكنة العسكرية وساحة السلاح" اللذين تم تحويل استغلالهما لصالح قطاع الثقافة والفنون بموجب محضر مصالح أملاك الدولة للبويرة المؤرخ في 10 أكتوبر سنة 2017، أوضحت السيدة الوزيرة أن هذا الممتلك الثقافي محمي على المستوى المحلي، وذلك من خلال تسجيله في قائمة الجرد الإضافي منذ تاريخ 13 جانفي 2013. وبغية المحافظة على هذا المعلم التاريخي والتمكن من تسجيل عملية لترميمه، كشفت السيدة الوزيرة أنه تم إمضاء قرار فتح دعوى تصنيفه كتراث وطني، وإرساله إلى المصالح المعنية لدراسة المطابقة، وهو الإجراء الذي سيسمح للقطاع بتسجيل عملية ترميم هذا المعلم خلال السنة المالية القادمة. أما بخصوص أسوار مدينة سور الغزلان، أوضحت السيدة الوزيرة أنه تمَت الموافقة على تصنيفها على قائمة التراث الوطني من طرف اللجنة الوطنية للممتلكات الثقافية في شهر جانفي 2023، وللحفاظ على هذا الممتلك الثقافي من الزوال والانهيار، نظرا للأهمية التي يكتسيها في تاريخ المنطقة، فقد استفاد من عملية ترميم تم الانتهاء منها، إضافة إلى ترميم "باب الدزاير"الذي هو في مرحلته الأخيرة وسوف يتم الانتهاء من المشروع منتصف شهر جوان2023، وفيما يتعلق ببابي بوسعادة وسطيف فهما قيد الترميم،و قد أسديت تعليمات تقضي بضرورة تسريع وتيرة الأشغال من أجل إتمام المشروعين في أقرب الآجال الممكنة تقول السيدة الوزيرة. وفي ردها على سؤال السيد عمر خماياس بخصوص حماية الممتلكات الثقافية المادية لولاية جانت على المستوى الوطني، تجدر الإشارة أنه قد تم تصنيف خمسة (05) ممتلكات ثقافية في قائمة التراث الوطني.

أما بخصوص تصنيف الممتلكات الثقافية العقارية لولاية جانت على المستوى العالمي، كشفت السيدة الوزيرة أنه تم تسجيل الحظيرة الثقافية والطبيعية لطاسيلي ناجر والتي تضم كل من بلديتي برج الحواس وجانت، ضمن قائمة التراث العالمي لليونيسكو سنة 1982، والتي استفادت في إطار مشروع المحافظة على التنوع البيولوجي ذي الأهمية العالمية والاستعمال المستدام لخدمات الأنظمة البيئية في الحظائر الثقافية الجزائرية المعروف اختصاراً بـ (مشروع الحظائر الثقافية الجزائرية) بالشراكة مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي بالجزائر وصندوق البيئة العالمي، والتي استفادت من عديد المشاريع التنموية التي تهدف إلى الحفاظ على الموروث الطبيعي والثقافي والتنوع البيولوجي للحظيرة، والبرامج التكوينية المتخصصة ودعم قدرات تسييرها من خلال اقتراح منهجية علمية وإستراتيجيته عملية في تسيير التراث البيئي الثقافي.

ومن أجل الحفاظ وحماية الممتلكات الثقافية، قالت السيدة الوزيرة "خصصت الدولة في إطار الصندوق الخاص لتطوير مناطق الجنوب FSDRS، غلافا ماليا قدره 11 مليار سنتيم لإعادة الاعتبار وتهيئة القصور بجانت، ولكن قبل الانطلاق في هذه العملية، لابد من إعداد المخططات الدائمة للقصور الثلاثة المعنية، باعتبارها قطاعات محفوظة، وعليه فقد قمنا بمراسلة السلطات المحلية لولاية جانت بهدف إدراج ذلك ضمن العملية المسجلة". أما بخصوص الشق الثاني من السؤال والمرتبط باقتراح توسيع نطاق الحظيرة الثقافية طاسيلي ناجر التي تضم حاليا بلديتي جانت وبرج الحواس، ليشمل بلديات شمال ولاية إليزي (الدبداب، عين آمناس برج عمر ادريس)، كشفت السيدة الوزيرة أنه تم تشكيل فوج عمل يضم خبراء وتقنيين في المجال وكلفناهم بدراسة إمكانية توسعة نطاق هذه الحظيرة، وتحديد الأماكن التي يمكن أن تضاف لنطاقها، حتى يمكن عرض هذا المقترح بعد ذلك على اللجنة الوطنية للممتلكات الثقافية كمرحلة أولى، ثم تقديم طلب للحصول على الاعتماد المالي اللازم من المصالح المختصة. ولتعزيز مهام هذه الحظيرة ولتمكينها من حماية موروثنا الطبيعي والثقافي استفادت من عملية بغلاف مالي قدره أربعة مائة مليون دينار جزائري (400 مليون دج) بهدف إنجاز 20 مركز مراقبة وتوفير 17 سيارة رباعية الدفع، وأضافت بأن قطاع الثقافة قد استفاد هذا الشهر مساهمة مالية من قبل شركة سوناطراك بمبلغ مالي يقدر بـ 25 مليون دج، بهدف جرد الممتلكات الثقافية على مستوى الحظيرة الثقافية لطاسيلي ناجر، وأعربت السيدة الوزيرة عن شكرها لهذه المؤسسة على اهتمامهم بتراثنا الثقافي وتثمينه والمحافظة عليه. ولدى ردها على سؤال السيد مبروك دريدي المتعلق بتراثنا المادي وغير المادي، أكدت السيدة الوزيرة أنه في صلب اهتمامات الدولة الجزائرية " ويتجلى ذلك من خلال الإرادة الكبرى للسيد رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون ليس فقط في المحافظة على التراث الثقافي، وإنما في تثمينه واستغلاله وجعله موردا اقتصاديا خلاقا للثروة ومناصب الشغل، والحرص على إدماجه في العجلة الاقتصادية حتى يتبوأ المكانة التي يستحقها". وأضافت السيدة الوزيرة " باشرنا في إعادة النظر في كل الترسانة القانونية والتنظيمية المرتبطة بالتراث الثقافي، بغية إرساء قواعد ورؤية جديدة كفيلة برفع التحديات التي كانت تعيق الاستغلال الأمثل لتراثنا المادي وغير المادي، إضافة إلى رسم وإرساء المعالم الجديدة التي تتماشى والرؤية الجديدة للدولة الجزائرية في هذا السياق، كما ترتكز إستراتيجيتنا المنتهجة لحماية التراث الثقافي المادي وتثمينه، على تصنيف الممتلكات الثقافية المادية ذات الأهمية في قائمة التراث الوطني وإنشاء متاحف وحظائر وطنية جديدة والقيام بعمليات ترميم وإعداد مخططات الحماية الخاصة بالمواقع الأثرية والمخططات الدائمة للحفظ والاستصلاح الخاصة بالقطاعات المحفوظة". وأوضحت السيدة الوزيرة أنه تم إطلاق منصة "تراثي" المخصصة لمحاربة الاتجار غير المشروع بالممتلكات الثقافية، والنظام المعلوماتي الجغرافي الذي يعرض كل المعلومات الخاصة بقطاع الثقافة والفنون من تراث وفعاليات وجمعيات ثقافية وهياكل في شكل خرائط، إضافة إلى الخريطة الأثرية الجزائرية التي تجمع نتائج الأبحاث الأثرية وجرد الممتلكات الثقافية العقارية في خريطة واحدة وإنجاز تطبيق رقمي على شكل خريطة تفاعلية، حيث تم إحصاء 15000 موقعا أثريا ومعلما تاريخيا التي من شأنها توفير قاعدة ثرية للمعطيات ومجموعة المؤشرات التراثية التي تساعد في اتخاذ القرارات في وقت قياسي. ومن أجل تجسيد هذه الرؤية في الحفاظ على تراثنا قالت السيدة الوزيرة أنه تم الانتقال فعليا إلى ترجمة الاقتصاد البنفسجي على أرض الواقع، كما يتم الاشتغال حاليا على دفاتر شروط خاصة باستغلال وحماية مجموعة من المواقع والمعالم الكبرى كمرحلة أولى في انتظار تعميمها على مواقع أخرى،حيث سيتم الإعلان عن مزايدة وطنية بمجرد الانتهاء من ضبط الشروط التي تضمن حماية وتثمين واستغلال هذه المواقع في الوقت ذاته. وقصد تدعيم التربية التراثية لدى الناشئة والشباب وتنويع النشاطات التراثية بالمواقع المفتوحة للزيارة ضمن أقاليم الحظائر الثقافية، قالت السيدة الوزيرة "نظمنا خلال عطلة الربيع الفارطة، أبوابا مفتوحة على الحظائر الثقافية في الفترة الممتدة من 23 مارس إلى 08 أفريل 2023. وفي نفس السياق وبالتنسيق مع وزارة التربية الوطنية نعمل سويا على برمجة زيارات وخرجات تربوية منتظمة لفائدة التلاميذ إلى المتاحف الوطنية مع تنظيم ورشات بيداغوجية لهم وهذا بهدف تعريفهم بموروثنا وكيفية الحفاظ عليه، وترسيخ البعد التاريخي والحضاري لديهم. إضافة إلى قيام مؤسساتنا المتحفية بالتنقل إلى المؤسسات التربوية بما يسمى بالحقيبة المتحفية أين يتم تقديم عروض وإلقاء محاضرات، إضافة إلى تعزيز المناهج التربوية بنصوص وصور عن التراث الجزائري المادي وغير المادي في كل المراحل الدراسية، مع التركيز على تخصيص برامج موجهة للأطفال سواء على مستوى المسارح أو دور الثقافة". أما فيما يتعلق بالتعاون مع وزارة السياحة والصناعة التقليدية كشفت السيدة الوزيرة أنه يجري العمل وفقا لاتفاقية إطار على استغلال التراث الثقافي لأغراض التنمية المحلية لاسيما في مناطق الظل إضافة إلى المنتجات الثقافية ذات الطابع السياحي، مع تعزيز السياحة الثقافية عبر المسالك الموضوعاتية المتخصصة ومرافقة المبادرات الإبداعية للشباب في مجال السياحة الثقافية والسماح للفنانين بإقامة معارض على مستوى الفنادق والفضاءات التابعة لوزارة السياحة والصناعة التقليدية إلى جانب إطلاق أرضية رقمية تعنى بالمسالك الثقافية والسياحية في الجزائر . وفي نفس المنحى، وبمناسبة الاحتفال بشهر التراث لهذه السنة، أوضحت السيدة الوزيرة أنه تم تنظيم الدورة التكوينية الخامسة الموجهة لفائدة الأسلاك الأمنية في مجال حماية التراث الثقافي تحت شعار "حماية التراث الثقافي ومكافحة الاتجار غير المشروع بالممتلكات الثقافية"، والتي اختتمت يوم الثلاثاء الفارط.وأضافت السيدة الوزيرة " نسعى إلى تعزيز الحماية الشاملة لتراثنا الثقافي على جميع المستويات المحلية والإقليمية والدولية، ومجابهة جميع الجرائم المتعلقة به، لاسيما وأن ظاهرة المتاجرة بالممتلكات الثقافية تعتبر جريمة عابرة للحدود، ومصنفة كثالث نشاط إجرامي في العالم بعد تجارة الأسلحة والمخدرات.

   
modal