TNA Forum، منتدى المسرح الوطني يطرح عنصرا ضروريا لاكتمال العملية المشهدية في العرض المسرحي للنقاش، ألا وهو #الجمهور، وذلك من خلال موضوع مركزي بعنوان#المسرح_الجزائري_والجمهور_الحلقة_المغيبة ؟، من تنشيط أ. د. حميد علاوي. 
- سهرة اليوم السبت 28/3/2020
- ابتداءا من الساعة 21:00

على رابط المنتدى التالي: https://www.facebook.com/groups/www.tna.dz/
- للتذكير المنتدى منصة تفاعلية لطرح القضايا والإشكالات المرتبطة بالمنجز في المسرح الجزائري خاصة وفي الصيغ التي تميز الفن المسرحي على جميع مستويات الآدائية من فنية وجمالية...
#نص_المداخلة
"المسرح الجزائري والجمهور. .. الحلقة المغيبة ؟"
الجمهور عنصر حيوي وأساسي في العملية المسرحية، فالعمل الفني مهما بلغ ذروة الإبداع الفني فهو يظل مرتبطا بالتلقي الذي يعطيه صفة الجمال، فلو فرضنا أن عملا فنيا أُبدع في أعلى درجات الكمال وأُخفي على الأنظار والأسماع، فلن يصبح سوى إبداع محتمل وافتراضي، والعمل المسرحي يظل عملا مسرحيا في درجة الاحتمال ولن يصبح عرضا مسرحيا في درجة الإنجاز إلا حينما يُعرض أمام الجمهور فيصبح (عرضا مسرحيا)، ولذلك نحن نذهب إلى المسرح لمشاهدة العرض وليس العمل المسرحي.
ولا شيء يضاهي فرحة صناع العرض المسرحي بعد النجاح الجماهيري المبهر، ولا أتعس من حال مخرج يرى عدد حضور العرض أقل من عدد ممثليه على الركح...
والمسرح كان وسيبقى فنا جماهيريا، وسيظل التلقي فيه ابن اللحظة، فالجمهور يصفق للعرض أو يستهجنه أثناء العرض نفسه أو يخرج قبل النهاية، فالجمهور المشاهد مكون أساسي في المشهد المسرحي. والعمل المسرحي تتوالى عروضه ولا تتكرر، فلو أعدنا العرض نفسه مرات بالممثلين والفنيين أنفسهم وفي القاعة ذاتها فلن نحصل على نسخ طبق الأصل من العرض، ودور الجمهور حاسم في إضفاء الخصوصية والتفاصيل على كل نسخة من العرض.
وتدخل الدراسات المسرحية في حيز التلقي النوعي (النقد المسرحي) والذي يعتمد ضمن ما يعتمد عليه، النجاح الجماهيري للعرض. فالجمهور المسرحي لا يؤثر على الإنتاج المسرحي فقط بل يؤثر أيضا على النقد ويوجهه.
وبالنظر إلى هذه الأهمية القصوى التي يكتسيها الجمهور، ينبغي أن يكون محل الاهتمام والدراسة، لأننا ننشئ المسرح كمؤسسة ثقافية لتلعب دورا تثقيفيا واجتماعيا، وهي في هذا تحتاج إلى جمهور للقيام بهذه المهمة. ومن زاوية اعتبار العمل المسرحي عملا مندرجا ضمن عملية إنتاجية ثقافية، فحضور أكبر عدد من المشاهدين هو نجاح فني، وهو أيضا نجاح اقتصادي واجتماعي.
وانطلاقا من ذلك ينبغي أن نعرف جمهور المسرح الجزائري معرفة ذكية وفاحصة بل معرفة ناقدة. ولذلك تبتعد هذه الدعوة عن الدراسات المستعجلة والمُخاتلة في مجال (قياس الجمهور المسرحي)، والتي يعتمد أغلبها عينات مكتبية مختارة اختيارا غير صحيح، وتطرح أسئلة جاهزة مسطحة، وتصل إلى نتائج خاطئة مخطّْئة... 
إن قياس نجاح العمل بحضور الجمهور مسألة تقتضي التريث والنظر، فالقاعة التي تمتلئ عن آخرها مؤشر جيد عن العرض، وتكرار العرض بعدد المشاهدين نفسه له دلالة، لكن لا ينبغي أن نعول على الأرقام كثيرا أو أن نتخذها مؤشرا وحيدا، فالمعطيات تغيرت اليوم، إذ أن حضور 500 أو 600 مشاهد خلال العرض في المدن الكبرى والتي تضم ما يقارب مليون نسمة أو أكثر، لا يعطي الدلالة نفسها بالنسبة للجمهور في الماضي، حيث كانت المدن لا تتسع لأكثر من ألفي ساكن.
إن حضور الجمهور لمشاهدة المسرح في حاجة إلى ضبط ومراجعة ومتابعة، لأن علينا أن نعرف الكثير عن جمهور المسرح الذي يؤم القاعة، ونبحث عن مريدي المسرح، ونعد بطاقات ترافق العروض وتعنى بحضور الجمهور، كما أن الرقمنة تساعدنا اليوم على إعداد مواقع لأوفياء المسرح، وهذا العمل يمكن أن تقوم به مؤسسة مثل المسرح الوطني الجزائري أو أي مسرح جهوي، بفتح أبواب التسجيل ومنح بطاقة أوفياء المسرح الذين يشكلون منتدى، ويمكن توجيه أسئلة متعلقة بعرض ما في شكل منتدى حواري مصغر، وتمكين الدارسين بذلك من معرفة الكثير عن جمهور المسرح الجزائري في فترة ما، مثل:
- ما نوع العروض التي تشد الجمهور ؟
- ما هي الموضوعات التي تستهويه أكثر ؟
- ما الذي يجذب الجمهور في العرض: التمثيل أو طريقة الإخراج ؟
- هل يولي الجمهور أهمية للعناصر الفنية في العرض المسرحي ؟
- كم مرة يعيد المشاهد مشاهدة العرض الواحد ؟
- وهل يهمه ما كُتب من نقد حول ذلك العرض؟... 
وينبغي في نظري أن نسقط أكذوبة (عزوف الجمهور عن مشاهدة العروض المسرحية)، فالذي يلوك هذه الأسطوانة إما مخرج فاشل يريد تعليق عجزه على شماعة انصراف الجمهور إلى الوسائط الرقمية الجديدة، أو رمي بجهل من قبل من لا يعرف عن المسرح اليوم شيئا، وقد توقف عن الذهاب إلى المسرح منذ زمن بعيد أو أنه لم يعرف بابه يوما... فالعروض الجيدة والأسماء الفنية المحترمة ما زلت تقدم أعمالا تستقطب الجمهور في حضور جميل ومشجع. 
- فإلى أي مدى يضع المخرج الجزائري والكاتب المسرحي الجزائري وكل الفنيين الجمهور في الحسبان لإنجاز العروض المسرحية ؟
- وهل كل العروض المسرحية تثير جدلا وتؤسس خطابا مع الجمهور ؟
إن التجارب الجزائرية الناجحة في المسرح الجزائري (تجربة كاتب يسين، تجربة علولة، تجربة سليمان بن عيسى، تجربة أحمد رزاق، تجربة محمد شرشال) تجارب تحتكم إلى رؤية مبنية على روح العصر ومراعاة التوجه الاجتماعي، وتؤكد كتابات وتصريحات هؤلاء المعرفة الكبيرة بالسياق السوسيوثقافي للجزائر، وتعرف متطلبات الجمهور الذي يمثل مختلف الشرائح الاجتماعية، وبذلك تنخرط الثقافة ومن خلالها المسرح في التعبير عن التطلعات الاجتماعية والتغيير الإيجابي والعقلاني والصيرورة التاريخية أيضا.
وبناءً على هذا، هل على العرض المسرحي أن يلبي متطلبات وذوق الجمهور، أو أن عليه أن يحمل الجمهور على الاقتناع وقبول التوجه الجديد في المسرح ورؤية العرض المسرحي ؟ 
علينا أن نقر في الختام، أن الجمهور له أهمية في الإبداع المسرحي، وكثير من المخرجين يسقطونه من الحسابات الفنية، لكن تغيب الدراسات الجيدة والمؤسسة علميا في معرفة جمهور المسرح ببلادنا...
هذه أفكار من شأنها إثارة النقاش حول دور جمهور المسرح في تطوير المسرح، فمرحبا بالتعقيبات المثرية ومرحبا أيضا بكل الأفكار البديلة والمختلفة في النظر والتنظير لهذا الإشكال الإبداعي والنقدي.
   أ. د. حميد علاوي

 

modal