لقاء للعدد (24) من _منتدى_المسرح_الوطني_الجزائري ، تنشيط الدكتور حبيب بوخليفة حول موضوع "ضرورة فعاليات مسرح الشارع في تركيب الوعي الجمعي
- سهرة يوم الإثنين 13/04/2020
على الساعة التاسعة مساء
- الدكتور حبيب بوخالفة خريج جامعة موسكو بشهادة دراسات عليا تخصص فنون درامية، وهو حاليا أستاذ بالمعهد العالي لمهن فنون العرض والسمعي البصري ببرج الكيفان لمقاييس: إعداد الممثل، إخراج وتاريخ المسرح الجزائري، تفتحه المعرفي على جميع العملية المرتبطة بالعرض المسرحي جعل منه متعدد المواهب، فهو ناقد، ومؤلف، ومخرج وممثل مسرحي، بل تعدى شغفه بالفن الرابع إلى التنظير، فله جام من الدراسات والأبحاث المنصبة في فن المسرح، وهو كاتب رأي في مقالات لعديد الصحف الوطنية والأجنبية والمجلات الثقافية
يعرف عنه أنه متابع جيد لما يجري محليًا ودوليا في ما يتعلق بالتحولات التي يعرفها الفن الرابع، وله إيمان راسخ بالقيم الإبداعية المؤسسة على العلم والتفكير والغايات الواضحة المعالم مسبقا، ويرى أن الفن المسرحي مرتبط بحركية المجتمع وهو في نفس الوقت حراك مستمر منذ فجر الإنسانية
- للتذكير المنتدى منصة تفاعلية لطرح القضايا والإشكالات المرتبطة بالمنجز في المسرح الجزائري خاصة وفي الصيغ التي تميز الفن المسرحي على جميع مستوياته الأدائية من فنية وجمالية...

نص الإشكالية أدناه.

ضرورة فعاليات مسرح الشارع
في تركيب الوعي الجمعي

يستمد مسرح الشارع جذوره من مختلف التجارب المسرحية عبر التاريخ، فهو مرتبط بمفهوم الفضاء المفتوح للمجموعة البشرية. لم تحدده أطر أو بروتوكولات تنظيمية مثلما هو الفعل المسرحي للعلبة الإيطالية
لقد ازدهر في أواخر القرون الوسطى في أروبا بداية عصر النهضة بظهور الفرق البهلاوانية المضحكة التي كانت تقدم عروضا كمودية هزلية مرتجلة مثل "الكوميديا ديرلاتي" و"السكماروخي" في روسيا فيما بعد و عدد كبير من الفنانين في مختلف الفنون الذين كانوا يقدمون مهارتهم للعامة و دون مقابل حتمي، بل بإرادة المتفرجين، ثم تقعص بعدما ظهرت بنايات المسارح الظخمة في بداية القرن الثامنة عشر إلى غاية بداية القرن العشرين
عاد هذا الشكل من الأداء التمثيلي في الأماكن العامة وفي الفضاءات المفتوحة المختلفة بالمدينة بعد الحرب العالمية الثانية في فرنسا في إطار تنظيمي خاص بالمهرجانات، أقيم في أماكن مختلفة مثل الساحات، الحدائق العامة، الشوارع الرئيسية، حيث يستطيع جمع أعداد غفيرة من المتفرجين، "أفينيون" كانت و لا تزال منطلق تنظيم هذه التظاهرة
إنتشر هذا الشكل من المسرح (Art street) في كثير من المدن الفرنسية خصوصا بعد الثورة الشبابية في ماي 1968. وقد استغلت أمريكا هذا النوع من المسرح للترويج للمسرح عموما أو لبعض الفرق، كذلك للدعاية الإشهارية وإبان الزحف الشيوعي. وتبقى فرنسا اليوم البلد الأكثر إهتماما بمسرح الشارع، حيث تنظم أكثر من 250 مهرجان في مختلف مدنها. تأتي الفرق المتعددة و المختلفة لتقدم عروضا مسرحية في قمة المتعى
ألم نملك نحن العرب و الأفارقة هذا الشكل من المسرح ولكن بشكل و أهداف تختلف عن المجتمعات الأوروبية؟
بجانب ساحة الشهداء بالعاصمة (باب الواد، القصبة) في منتصف القرن التاسع عشر كانت هناك عروض الحكواتي والقوال و مسرح خيال الظل، لا تزال قائمة وكذلك في ساحة جامع الفنا بالمغرب الشقيق يعتبر فضاء شعبي للفرجة والترفيه للسكان والسياح في مدينة مراكش، انها القلب النابض للمدينة وعلى مر السنة
يعتبر مسرح الشارع المحرك الحيوي لإحداث الوعي الاجتماعي والسياسي في المتلقي وتمتين الروابط الاجتماعية و إبراز الخصوصية الطبيعة البشرية بحكم التفاعل بين الفنانين المبدعين بأساليب و ألوان مختلفة في ظل حرية جمالية و مهارة متميزة مطلقة. إن التفاعل الحي بين المشاهد والمؤدين يبعث في نفس حالة الاطئمنان بعيدة عن بروتوكولات السيطرة التنظيمة التي نراها في الفضاءات المغلقة، فالحرية والتبادل جوهر التظاهرة
يرتبط مسرح الشارع مع فكرة الاحتحاج والتعبير من طرف بسطاء الشعب عن الرغبة في التغيير مثال: استغلال بعض المدن البريطانية و الهندية والروسية الطبقات العمالية مسرح الشارع في توعية الناس بحقوقهم وواجباتهم نحو الوصول إلى العدالة الاجتماعية. و في كل الاحتحاجات الاجتماعية في النظم الليبارالية الرأسمالية يكون مسرح الشارع حاضرا بقوة
لا يختصر مسرح الشارع على أهداف تسلية فقط أو ثورية بل يحي الوعي الجمعي و الاهتمام بقضايا الأمة و يربي الأجيال على ذوق الفن المسرحي بشتى أشكاله و أنواعه. ففي غياب نشاط مسرحي عمومي متوازن بربيرتوار مستمر و متباين من الضروري أن المجتمعات العربية تعيد تنظيم هذه التظاهرات الشعبية التي تسمح بربط الفن المسرحي بالجمهور الواسع و تكوينه مستقبلا للعروض في القاعات. حتما سنربح معركة انتصار المسرح على الأنظمة المفسدة و الفاسدة الشمولية و نربي أجيالا يكون الفن المسرحي عندها متعة ومدرسة

الدكتور حبيب بوخليفة

modal